languageFrançais

'الرّشيدية'.. 90 سنة من المجد وأكثر

على إيقاع زخّات المطر انسابت الخطوات في نهج الدّريبة بالقصبة في العاصمة تونس، تقتفي أثر الألحان والنّغمات التي تسرّبت مساء يوم الرابع من ديسمبر من عام 2025، لتعلن بداية الاحتفاء والاحتفال: الرّشيدية تحيي تسعينيّة تأسيسها بمهرجان يتواصل إيقاعه حتى يوم 7 ديسمبر الحالي، بالموسيقى واللّقاءات والمعارض التي تحيي ذاكرة 90 سنة من المجد.

واستعدّت جمعيّة المعهد الرّشيدي، أو "الرّشيدية" كما يحلو للتونسيين تسميتها، أيّما استعداد لاستقبال ضيوفها وأهل الدّار التي تأسّست في الثالث من نوفمبر من عام 1934، لتكون مؤسّسة ثقافية وفنية وأكثر؛ فهي الذّاكرة الموسيقيّة الحيّة التي صمدت واستمرّت لتحيي فلسفة الآباء المؤسّسين من نخبة المثقّفين ورجال السّياسة وأعلام الكتّاب، تحت إشراف شيخ مدينة تونس آنذاك مصطفى صفر.

وعلى إيقاع موسيقى القانون، انطلق حفل الافتتاح في بهو الصّرح الذي نقشت على جدرانه نوتات أقطاب الموسيقى التونسيّة، ومنهم خميس ترنان ومحمد التريكي وصالح المهدي وعبد الحميد بلعلجية ومهدي سعادة وغيرهم ممّن نُحتت أسماؤهم في تاريخ "الرّشيدية" التي تعلن انطلاق الاحتفال بحنين إلى "طقاطق" الأغاني وموشّحات المالوف الخالدة، والتي صدحت بها حناجر نجوم المطربين والمطربات في تونس، أمثال صليحة وشافية رشدي وصادق ثريا والهادي الجويني والطاهر غرسة وصالح المهدي، الذي تتزامن تسعينيّة الرّشيدية مع الاحتفاء بمئويّته، وهو الحاضر روحًا وتاريخًا بتدشين متحفه داخل فضاء الرّشيدية، والذي يؤرّخ لمحطّات فارقة في مسيرة "زرياب تونس". وتحتفل وزارة الشّؤون الثّقافية بمئويّته بحفل موسيقي يحتضنه مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة يوم 5 ديسمبر، تُؤثّثه مجموعة من الأصوات التونسية بقيادة المايسترو شادي الڨرفي، وبمشاركة الأوركستر السمفوني التونسي والفرقة الوطنية للموسيقى وأصوات أوبرا-تونس.

وبين ألحان المالوف وعبق التّاريخ المنبعث من صور ومخطوطات المؤسّسين ومن سار على خطاهم واتّبع هديهم، أعلنت جمعيّة المعهد الرّشيدي عن إطلاق الموقع الرّقمي "الرّشيدية" (rachidia.tn)، الذي يضمّ نحو 750 وثيقة تؤرّخ لذاكرة المؤسّسة التي عملت، على مدى تسعة عقود، على تثمين المالوف وحفظ الموسيقى التونسية عبر تعليم أجيال من الفنانين والموسيقيين، وحفظ الأرشيف وتثمينه والترويج له، ووضعه على ذمّة الدّارسين والباحثين والهواة.

واختتمت الفعاليات بعرض "آه يا خليلة" للأستاذ عتاب البلايلي، الذي تتلمذ على يد كبار الرّشيدية، والتي ودّعت ضيوفها وجمهورها في اليوم الأوّل من المهرجان، لتتواصل التدريبات للحفل الكبير "نوبة المحيّر سيكاه"، الإنتاج الحصري الذي يختتم احتفالية التسعينية في سهرة يحتضنها المسرح البلدي بالعاصمة، بقيادة المايسترو نبيل زمّيت، وبمشاركة الفنانة درصاف الحمداني والفنان محمد بن صالح.
الواثق بالله شاكير